بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الحمد لله الذي استخلف عباده في أرضه لينظر كيف يعملون، وأرسل إليهم رسله صلوات الله وسلامه عليهم مبشرين ومنذرين، وختمهم بسيد الأولين والآخرين، حبيبنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطيبين، الطاهرين وخلفائه الراشدين، الهادين المهديين، وجميع أصحابه من الأنصار والمهاجرين، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.
وبعد فقد جعل الله عباده شعوباً وقبائل ليتعارفوا، وأمرهم بأن يتوادوا ويتراحموا ويتئالفوا، ويتعاونوا علي البر والتقوى, فتم هذا كله ولله الحمد والشكر, وتجسد حقيقة بين كثير من الموريتانيين المعروفين سابقا بالشناقطة مع مجموعات عظيمة الرتب, عالية النسب, شريفة الأم والأب، من أهلنا وأحبائنا وإخواننا الأشقاء، وأصدقائنا الأخلاء الأوفياء، وأهل ودنا المخلصين الأصفياء في جمع أقاليم جمهورية السودان العربية الإسلامية الشقيقة.
فكانت رحلات الشناقطة إلى البلاد المقدسة تلبية لنداء ربهم لأداء فريضة الحج وولهها بزيارة النبي الحبيب عليه الصلاة والسلام وبحثاً عن طلب المزيد من العلوم والمعارف، فكانوا يتجشمون أعظم المصاعب في ذلك فيقطعون المفاوز الواسعة والمهام المجهولة المخوفة التي يستوحش فيها البوم ويحار بها القطا فلم توهن لهم عزائم تعباً ولم يعرفوا كلاً ولا ملاً متجاوزين الكثير من الدول حتى يحطوا رحالهم بالسودان العربي المسلم فيحظون بحفاوة الاستقبال وكريم الضيافة، ما يتبع ذلك من فائق الاحترام والتبجيل والتكريم والتعظيم، وغالباً ما يجدون فيه ضالتهم التي يبحثون عنها فيعودون إليه بعد أدائهم فريضة الحج وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، فيحطون رحالهم ويستطيبون المقام لم يبغوا به بدلاً ولا عوضاً، ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر الشريف السيد الشيخ محمد المختار بن العالية الشنقيطي في جزيرة أم حراحر بمنطقة شندي، أحمد شيوخ الطريقة التجانية وأحد العلماء العاملين.
ومنهم الشخصية العالمية الشريف السيد محمد صالح الشنقيطي رئيس البرلمان السوداني الأسبق، وقد سمي عليه شارع في أم درمان يدعى شارع الشنقيطي رحمهما الله تعالى رحمة واسعة، وأمثالهما كثر متفرقون في جميع أقاليم السودان شرقه وغربه شماله وجنوبه وأكثرهم رجال دين وعلم واستقامة، ورغم أن طريق الحج أصبحت مقصورة على الطيران المباشر الأمر الذي سبب قطع الطريق البري تماماً فإن الكثير من الموريتانيين يتوق ويتمنى زيارة هذا القطر الكريم العربي المسلم ويتغنى بأمجاده وعظيم سجاياه، ونبله وكرمه وجميل مزاياه، وشرفه وعزه وجزيل عطاياه.
وبالجملة فالسودان وجمال أرضه وكرم شعبه تشيم له كل العباد، إذا هو واسطة عقد جميع البلاد، وربع عزه عند الموريتانيين.
وكأن الشاعر يعنيه بقوله:
هم حلو من الشرف المعلى |
| ومن كرم العشيرة حيث شاءوا |
وكنت من بين هؤلاء الوافدين المحظوظين الذين تشرفوا بزيارة هذا القطر العظيم وأقمت فيه فترة هي أسعد فترات حياتي وارتبطت خلالها بعلاقات متميزة مع الكثير من العلماء وطلبة العلم، والأعيان، والوجهاء، والمحسنين، ورجال الدولة، وقد أردت مستعيناً بالله متوكلاً عليه أن أكتب عن هذه العلاقات أو بعضها مبتدئاً بقصيدة بعنوان: (عمائم لفت تحتها الجود والندى) قلتها حنيناً وهوى لذلك العهد، وحباً وشوقاً لربوع هذا البلد، وما يكنه قلبي لأهله من فائق التقدير والاحترام وخالص الحب والود، وقد أشرت له إشارة قرب بهذا البلد، لأني وإن كنت موجوداً خارجه فهو دائماً وأبداً حاضر في الخلد.
والقصيدة كالتالي:
عهود بنفس لا يزال صفاؤها |
| تذكرها للنفس فهي شفاؤها |
وبعد هذه الترجمة العامة أجدني مستمتعاً مسروراً بهواجسي وخواطري وأحاديث نفسي عن أزمن شهية، بعهود زهية، بين أهال زكية، في ثلاث قرى بهية، بشمال أرض السودان النقية، بمحافظة مروي الفتية، هي قرية البرصة، وقرية الحلة البيضا، وقرية كورتي.
فرغم طول العهد بها وتقادمه ظلت خالدة في خلدي ومحفورة في ذاكرتي وكأني ما خرجت عن محيطها الخصيب، ولا فقدت ساكنها الحبيب، وبما أني اشعر بأني ما زلت بينهم أجر ذيل العز والعلم والشهامة، محتبياً بجلابيب التبجيل والتعظيم والكرامة، بهذا الدافع وبه فقط حباً وعهداً ورداً للجميل وامتثالاً لقول خالقي سبحانه وتعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَان}.
وما سأذكره عن بعض الإخوان من الذين سأذكرهم ببعض الفضائل ليس من باب الإطراء المحظور المنهي عنه شرعاً، ولكنه من باب الاعتراف بالجميل المطلوب شرعاً والممدوح عرفاً، لذلك أردت رد بعض الجميل بذكر بعضه ولا أزكي على الله أحدا.
قرية البرصة
وأبدأ بقرية البرصة التي هو أول القرى الثلاث التي حططت بها رحلي، فأقول مستعيناً بالله، أما قرية البرصة فتقع على ضفة النيل الشرقية تابعة لعمدة جلاس عهدي بها، وهي قرية جميلة بأهلها وبها ضريح الولي الصالح سيد السيد محمد عالي العجيمي طيب الله ثراه، فقد وصلتُ هذه القرية في محرم سنة ست وخمسين وتسعمائة وألف ميلادي، فنزلت عند الولي الكامل الصالح العارف بالله، الشريف التقي النقي الطاهر الأواه، شيخ الشيوخ وإمام المربين، وقدوة الصالحين، سيدي الشيخ نور الدائم العجيمي طيب الله ثراه، ورضى عنه وأرضاه، ابن القطب الكامل العارف بالله، سيدي الشيخ محمد عالي العجيمي الشيخ نور الدائم بمهمتي، وهي البحث في طلب العلم والمعرفة حتى طلب مني وأصر عليَّ ملحاً في المقام معه، وذلك إجلالاً منه وتعظيماً للعمل والعلماء وطلبة العلم فاستخرت الله في ذلك ثم استجبت لرغبته لما رأيت من فضله وحبه للعلم والعلماء، ووضعت عصى الترحال في الحال وأقمت معه أدَرِّسُ العلوم من قرءان وتفسير وحديث وفقه ونحو إلى غير ذلك من العلوم ولله الحمد، فبالغ هذا السيد في إحساني واحترامي وأشبع رغبته الكبيرة من تبجيلي وإكرامي وكان متعته في خدمتي ورضاه في راحتي ونعمتي وكان التواضع ديمته، وحسن الخلق شيمته، فامتلأ قلبي من عظمته حقاً، و والله ما استنقصت عند خلقاً، وقد استفدت كثيراً من خصاله المفيدة، كورعه وتواضعه وأخلاقه الحميدة، وقد كنت نظمت فيه قصيدة هي كالتالي:
ألا يا أيها الشيخ الهمام |
| عليك رحمة الله السلام |
وإن خلق هذا الشيخ هي خلق أهل البرصاء جميعاً، الأولين والآخرين، وإنها شنشنة فيهم متوارثة دأب عليها جميع العجيميين، السادة الفضلاء الكرام، الأمجاد العظام، ولا غرو فهم بطن من بطون قبيلة الإبديرية، القبيلة الشهيرة العباسية، الشريفة الهاشمية القرشية، التي شاع صيتها وعظم مجدها، وفي الفضل والكرم تقادم عهدها، والعجيميون تنسب إليهم الطريقة الفاضلة المباركة العظيمة العجيمية التي أسسها الولي الكامل الصالح المربي العظيم، العابد الزاهد العارف بالله المستقيم، الشيخ محمد عالي العجميمي وقد أسسها في قريته قرية البرصى لكنها سرعان ما انتشرت لفضلها في عموم السودان وخصوصاً في الشمال مثل العفاض والعرضي وكنتي ورومي والبكري ودنكله، ولقد أنار هذا الشيخ البصائر وأضاء الدياجي وزكى النفوس وطهر القلوب وربى الأرواح بهذه الطريقة الفاضلة المباركة. وإذا كان هذا الشيخ شمساً مضيئة حقاً. فإن أبناءه أقمار تمت أنوارهم، واستنارت بصائرهم، فكملت عقولهم، وحسنت أخلاقهم، فهم خير خلف لخير سلف، وهم ثلاثة، ولكن إمامهم في كل فضل وخير وحامل لوائهم، هو القطب العارف بالله والولي الكامل السيد الشيخ نور الدائم العجيمي الذي خلف أباه أحسن خلافة، خلفه حقاً في الطريقة، فكان أحسن مرب بأحواله وأقواله وبعظمة سره وحسن ظاهره وفتح الله على مريديه وانتشرت الطريقة بفضله، فضاعف تربية النفوس وتزكيتها كما ضاعف إرثه من المجد والعز والكرامة، والفضل والنبل والشهامة، والزهد والإخلاص، والعلم والورع والاستقامة، لكن السيدين عبد الباقي العجيمي وشيخ الدين العجيمي شقيقي الشيخ نور الدائم العجيمي قد تقاسما معه إرث أبيهما تليده وطريفه ونعم الله الإرث ديناً ونسباً ومكانة، وخلقاً وخلقاً وعلماً وعملاً وعبادة، وزهداص وعرفاناً واستقامة، وإن السيد الشيخ نور الدائم العجيمي في الحقيقة لم يمت ولله الحمد، إذ خلف بعده أبناءً بدوراً مباركين هم السادة الهادي والمعتصم والمأمون والواثق، رباهم على سمته وخلقه ودينه وحسبهم ذلك، وقد أينعت تلك الثمرة الطيبة وآتت أكلها فاقتطفت ثمرتها ولقد استجاب الله دعاء والدهم فيهم ولله الحمد فهم أهل لخلافة هذا الشيخ شرفاً ودينا.
وقد سماهم بأسماء أجداده الخلفاء العباسيين تيمناً وتبركاً. حفظهم الله ورعاهم وسدد خطانا وخطاهم وقد قلت قصيدة أعزي نفسي أولاً وأعزيهم بها فيه، وجميع المريدين والأحباب وهي:
هو الموت لا يبقي ذكياً وفدما
|
| بهذا جرت في الناس سنته قدما
|
ولقد أنشد لسان حال هذه الأسرة الشريفة الكريمة الفاضلة مقالة الشاعر وهم لعمري أجدر بها:
بلغنا السماء بأنسابنا |
| ولو لا السماء لجزنا السماء |
ومن أتباع هذا الشيخ العظيم بل من مساديره المقربين، ومن رواد طريقه الذين هم في حبه متفانين، وعلى وده مبنيين، وعلى عهده جامدين، الرجل العظيم المفيد الشيخ عبد الحليم محمود، ومنهم كذلك السيدان العالمان الفاضلان، الشيخ عبد المطلب لِهْدَيْ والشيخ عبد الوهاب لهدي وكل أتباع هذا الشيخ فضلاء وهم كثر ولله الحمد والشكر فتبارك الله أحسن الخالقين، ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
كذا من جاور العلماء طفلا |
| يكون إذا نشا شيخاً أديبا |
وقال آخر:
وصحبة الأخيار في القلب دوا |
| تزيد في القلب نشاطاً وقوى |
وقال سبحانه وتعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).
وقد هيجت لي ذكرى أهلي وأحبائي وإخواني وأنا أكتب هذه النبذة من تاريخي معهم، دفين الشوق والهوى فتولدت زفرات تعلو وتسفل في خلدي ولها بهم وحباً لحاضرهم وماضيهم فنظمت قصيدة تحت عنوان (ذكرى بنفسي) وهي كالتالي:
ذكرى بنفسي تبعث الأهواء |
| ومن الهوى ما يلهم الشعراء |
قرية الحلة البيضاء
أما القرية الثانية من قرى محافظة مروي شمال السودان على الضفة الغربية هي قرية الحلة البيضاء تسكنها المجموعة الفاضلة مجموعة العونية، وهي بطن من بطون قبيلة الشايكية، التي يتصل نسبها بالعباس بن عبد المطلب
رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، فهم قرشيون هاشميون عباسيون من آل البيت الطاهر نسباً، وقد اختاروا مذهب الإمام مالك بن أنس الأصبحي رضي الله عنه مذهباً، ورواية حفص عن عاصم ورواية أبي عمر الدوري مقرء، وعقيدة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عقيدة أهل السنة والجماعة، والطريقة التجانية المباركة تصوفاً، لكن القليل منهم ختمي وفي العموم يحبون الإمام المهدي وأنصاره، وقد نظمت قصيدة في مدحهم وهي تحت عنوان:
تذكرت أيام المسرات بينهم
يذكرك الماضي من العهد حاضر |
| إذا عبت منك الفؤاد الخواطر |
ومن هذه الجماعة الفاضلة بيتها المفضل، بيت العز والشرف والمجد والجود والفضل، بيت سيد السادات، وكريم الآباء والأمهات، السيد الشيخ أحمد بابكر أشميق فريد عصره، ووحيد دهره، عزا وجاها ومهابة، وحزما وعزما وصرامة، وصدقاً وإخلاصاً وأمانة ونبلاً وسؤددا وشهامة، وفضلاً ومجداً ومروءة، ودينا وتقى واستقامة. فلو عناه المتنبي بقوله:
هو البحر من أي النواحي أتيته |
| فلجته المعروف والجود ساحله |
أقول لو قيل هذا فيه لأصاب حز المفصل ولكان صادقاً فيه وأيم الله، فهو لعمري كريم الأب والأم والخال والعم، وقد سلم عرضه من كل نقص وذم، وكان الوفاء بالعهد والذمام شيمته، وقد عرقت في المكارم والمعالي أرومته، وكان مضيافاً فاق في ذلك الكرماء، ومحباً للعلم وطلابه والعلماء، وكانت أفعاله في أهله ماضية، وأقواله فيهم مرضية راضية، وكان عطوفاً للغرباء والفقراء والمعدمين، حمد ربنا مسعانا ومسعاه، وجعل جنته مثوانا ومثواه، وجعله من الذين سبقت لهم منه الحسنى: قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ*لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ*لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).
ومن عرف هذا الرجل العظيم علم أن هذا نزر في حقه، وقد نظمت قصيدة في بعض خصاله تحت عنوان: (تذكرت أياماً بها قصر الدهر) وهي:
تذكرت أيماً بها قصر الدهر |
| عليّ ولا أحبته الحر |
وبما أن هذا الوالد الكريم، والأخ الأكبر العظيم، كان من المحسنين فقد أحسن الله عليه، وصدق سبحانه وتعالى: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون).
إذ من الله عليه بسبعة أبناء هم حقاً أبناؤه (ومن يشابه أباه فما ظلم) فهم حقاً منة ونعمة وفضل من الله سبحانه وتعالى عليه هو أولاً وعلى هذه الأسرة المباركة وعلينا جميعاً، وقد نظمت قصيدة أعزي نفسي بها فيه أولاً وأعزيهم بها وهي تحت عنوان:
"إلهي سق رحمي لأحمد بابكر"
إلهي سق رحمي لأحمد بابكر |
| وبلغه أقصى ما قسمت من الأجر |
وأن أبناءه جبلوا كأبيهم على المجد وحسن الخلق والحلم والجود وما وقفوا موقفاً إلا علت فيه رؤوسهم، ولا شهدوا مشهداً إلا كبرت فيه نفوسهم. وهؤلاء على الترتيب (السيد الفاضل تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه فسيح جناته، السيد زين العابدين وكل شيء له حظ من اسمه، ولعمري فهو أجدر بقول الشاعر:
فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى
|
| حليف الندى ما للندى عنك مذهب
|
وقد شرفني بزيارته لي في الجمهورية الإسلامية الموريتانية رحمه الله رحمة واسعة وقد خلف من فضل الله علينا خمسة أبناء بارك الله فيهم وبارك عليهم وهم السادة، التجاني، ووليد، والمسوءل، ونزار، وبكر، وحفظ الله والدتهم السيدة الفاضلة الأخت التومة التجاني خالد.
أما الثاني من هذه الأسرة الكريمة الفاضلة السيد يحيى أطال الله حياته هو وإخوته وأبناؤه في العافية، وفي نعمة منه دائمة وضيافة، وله ثلاثة أبناء بارك الله فيهم وعليهم وهم السادة: محمد الأمين ومحمد الفاتح، ومحمد الخاتم حفظهم الله تعالى، ووالدتهم الأخت الفاضلة السيدة خديجة عبد الرحيم.
أما الثالث من أبناء هذه الأسرة الفاضلة ذات المجد العريق، والعز والكرم العتيق، هو السيد الدكتور بابكر وله ثلاثة أبناء حفظهم الله ووالدتهم السيدة الفاضلة الأخت عالمة (من أصل يمني).
أما الولد الرابع فهو السيد عمر، أمد الله له في العمر، وله خمسة أبناء ولله الحمد وهم السادة: إيهاب – وحاتم – ومحمد – وسامي – وحسام حفظهم الله ووالدتهم السيدة الفاضلة الأخت خديجة عبد الرحمن.
أما الخامس فهو السيد الدكتور عثمان حفظه الله تعالى الأخ الشهم الماجد الفضيل، والكريم النبيل، ولقد شرفني بزيارة قام بها لي في جمهورية موريتانيا الإسلامية أقام معنا فترة كان فيها محل إعجاب الموريتانيين في تصرفاته وأخلاقه بيض فيها وجوهنا وربما وجوه السودانيين قاطبة بيض الله وجهه وجزاه كل خير.
علماً بأن هؤلاء الخمسة أشقاء، وأمهم الوالدة الحنونة الرحيمة، والأخت الشقيقة الكريمة، فاطمة بنت أحمد محمد رضي الله عنها وأرضاها، السيدة العابدة التقية، ذات الروح الصافية الزكية، والنفس الطاهرة الطيبة النقية، والجاه العظيم والمكانة العالية، ذات الأيادي البيضاء والعطاء الجزيل، والخلق العظيم والمجد الأصيل، وحسن الخلق وإكرام الضيف، والسبق إلى الخير والإسراع بالمعروف، والمقام السامي والمكارم الجزيلة، والصيت الرفيع والمحامد الجليلة، ولها اليد الطولى في الفضل والمعروف والإحسان، وحب المساكين ويداها بما أوتيت من خير مبسوطتان، فاطمة بنت أحمد محمد في الكرم لا تباري، وفي الفضل والجود والسخاء لا تجارين أما الابنان الآخران من أبناء هذه الأسرة الشريفة الكريمة الفاضلة فهما السيدان عبد الحكم، وله ابن واحد وهو محمد بارك الله فيه وعليه.
والثاني عبد الباعث وأبناؤه ثلاثة ولله الحمد بارك الله فيهم وهم السادة، محمد ومؤمن وأحمد والسيدان عبد الحكم وعبد الوارث شقيقان، وأمهما السيدة الفاضلة الأخت حواء بنت علي حوشا فتقبل الله الجميع بقبول حسن وأنبتهم نباتاً حسنا.
وقد نظمت قصيدة فيهم تحت عنوان: (فلازالوا على درب المعالي):
ألا حي الفتى يحيى العقيلا |
| فتى أقرانه الشهم النبيلا |
ومن أعيان هذه الجماعة الكريمة جماعة العونية الفاضلة الرجل الشهم الكريم، الجواد الفاضل القويم، طليق المحيي ذو الخلق العظيم، والمجد والتقي والدين المستقيم: السيد محمد خالد أشميق رحمه الله وأبناؤه الثلاثة الفضلاء، الكرام السادة النبلاء، السادة: عوض، وعبد الرحمن، وعبد المنعم، رحم الله السلف وبارك في الخلف.
ومنها أيضاً ابن أخي السيد محمد خالد، السيد محمد صالح وداعة وأبناؤه الثلاثة وهم السادة: الواثق، والوليد، ووداعة، ومنها أيضاً الرجل العظيم، الجواد الماجد الكريم، صبيح الوجه المثالي في الأخلاق والدين، والمعدود من مشاهير المحسنين: السيد الفاضل أحمد محمد وكأن الشاعر يعنيه بقوله:
يا من على الجود صاغ الله راحته |
| فأنت والجود منحوتان من عود |
وهذا الرجل العظيم هو والد فاطمة حرم الوالد الفاضل أحمد بابكر رحمه الله ورضي عنه وله أبناء ثلاثة ولكن ما ضرهم أن قل عددهم، فقد كثرت خصالهم، وفضائلهم ومزاياهم ومحامدهم، وهم السادة: عبد الرحمن وله ولدان هما السيدان: الطاهر وأحمد، أسأل الله لهما التوفيق والبركة والسداد، وأمهما: الأخت سرورة بنت العاتي.
والثاني من أبناء الوالد العظيم أحمد محمد هو السيد عباس وأبناؤه سبعة ولله الحمد وهم السادة أحمد ومحمد وعبد الله وخالد وعمر وبابكر وسعد رحم الله عبد الله رحمة واسعة وغفر له وعفا عنه وسدد خطا إخوته ووفقهم ونصرهم وأعزهم وبارك فيهم وأمهم فاطمة محمد عمر.
أما الثالث فهو السيد إلياس وأبناؤه ستة ولله الحمد وفقهم الله لما يحبه ويرضاه وبيض وجوههم، وشرح صدورهم، وهم السادة محمد، وعمر، وسعد، وعبد الرحمن، وحسن، وأحمد أمهم الأخت آمنة عبد الله عمر. إلا الأخير أحمد والدته الأخت نفيسة بنت البدوي.
أما أبناء أحمد محمد الثلاثة أعني عبد الرحمن، وعباس، وإلياس فهؤلاء لأعجب في نبلهم ولا غرو في فضلهم فأبوهم من أعظم سادات قومه ولو لم يكن لهم أب لرضعوا من المجد والفضل والنبل والعز والصلاح وخصال الخير من أمهم ما كفاهم وما أدراك ما هي هي السيدة الصالحة، الطاهرة النقية العاجية، بنت نصر وهي كذلك أم فاطمة فهي شقيقتهم.
وصدق الله سبحانه وتعالى: (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) وقال سبحانه وتعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ).
فما ولدت هذه المرأة الطيبة الصالحة الكريمة إلا طيباً صالحاً كريماً فهي كذلك أم السيد العظيم خدر الملك الذي سنذكره بعد. فأبناء هذه الوالدة تفردوا بالكرم والسخاء والسماحة.
ومن رجال هذه الجماعة العظيمة الكريمة السيد المختار العاتي رحمه الله تعالى، وأبناؤه السادة الفضلاء عبد الرحمن ومحمد وصالح وأمهم الأخت أم الخير بنت أحمد. ومنها أيضاً السيد الحاج عباس فضل الله وابنه السيد فضل الله
رحمهما الله رحمة واسعة. ومنها أيضاً السيد عبد السلام لهْدَيْ وأبناؤه السيدان أحمد ومحمد الأمين.
ومن هذه الجماعة الرجل الذي ضن الزمان بمثله نبلاً وكرماً وفضلاً وجوداً وإنفاقاً وإحساناً السيد فضل المولى بن من الله فجاء وسمه كاسمه فهو فضل من المولى سبحانه وتعالى، فكان ديمة خير هطلاء وغيث جود يهمي ويسح بنائله على المسكين والجار والقريب بخ بخ والشهود بالباب فأسأل عنه الضيوف في الخلوات والعباد في المساجد كان الصدر منه سليم والقلب صاف فنشأ من ذلك حلمه وصباحة وجهه وعذوبة حديثه ورزانة طبعه وحسن خلقه بل كانت هذه الأخلاق تقتبس منه ولقد دل عليه قول الشاعر:
سما بجودك جود الناس كلهم |
| فصار جودك محراب الأجاويد |
وأول من اقتبس منه هذه الأخلاق واكتسبها بل احتواها جبلة حتى كأنه هو، فضلاً من الله ولداه الفضلان السيدان خدر وإلياس (ومن يشابه أباه فما ظلم) ووالدتهما الأخت عشمانة بنت أحمد الملقب (بذنب العقرب) لشجاعته وشدة بأسه، وخدر هذا وارث أبيه نبلاً وكرماً وفضلاً وجوداً وأنفاقاً وأحساناص رحمه الله تعالى وله ابنان سيدان فاضلان كذلك هما السيدان محمد وعمر بارك الله فيهما وبلغ فيهما مأمولنا ومأمول والديهما وأصلح لهما دنياهما وآخراهما وأمهما الأخت الكريمة الفاضلة الطاهرة ولا غرو فما هي إلا بنت أبيها وأمها وأخت إخوتها وأخواتها وهي السيدة نفيسة بنت الوالد الكريم والأخ الشقيق الرحيم أحمد بابكر.
ومن أعيان هذه الجماعة الفاضلة كذلك ووجهاتها فضلاً وجاهاً وعزاً وعظمة السيد ياسين بن محمد صالح أشميق رحمه الله تعالى.
ونحمد الله سبحانه وتعالى إذ خلف لنا أبناء فضلاء، أسياداً كرماء،
بارك الله فيهم وبارك عليهم وبارك لهم وهم السادة، عباس وأحمد وفضل السيد وحمزة ووالدتهم الأخت دار السلام ومدثر ومعتصم وأمهما الأخت الروضة بنت البدوي.
ومن مشاهير هذه الجماعة الطيبة كذلك فضلاً وصلاحاً وطهارة ونقاوة وكرماً ومجداً وعزاً السيد البدوي، ولله در ابنه عبد الرحيم فهو نسخة منه طبق الأصل (ومن يشابه أباه فما ظلم) شابهه في الفضل والكرم والشهامة، والخلق والدين والاستقامة، ونعم أبناؤه الثلاثة الآخرون السادة جيب الله وجعفر ومحمد الحسن رحم الله السلف وبارك في الخلف.
ومنها أيضاً السيد سعيد جيب الله رحمه الله تعالى وابنه السيد أحمد سعيد وأبناؤه الثمانية السادة عمر وعبد الله وعثمان وبابكر وحسن وسعيد وأمهم الأخت فاطمة بنت البدوي أما عصام وشيخ الدين فوالدتهما الأخت زينب ياسين.
ومن هذه المجموعة الفاضلة كذلك السيد عبد القادر سعيد رحمه الله وأبناؤه الثلاثة السادة عبد الله وعمر وأحمد أمهم الأخت آمنة وداعة خالد.
ومنها أيضاً السيد فتح العليم مختار رحمه الله تعالى وابنه السيد عباس وأمه الأخت الحرم بنت أحمد.
ومنعا أيضاً السيد خدر بامسيكة رحمه الله تعالى وأبناؤه الستة السادة عثمان وصلاح وعمر وعبد الله وحسن وبابكر وأمهم الأخت العاجبة خدر جبارة.
ومنها أيضاً السيد عثمان عيساوي وأبناؤه الأربعة ووالدتهم الأخت أم اضعين بنت عبد العزيز.
ومنها أيضاً السيد أحمد عبد العزيز رحمه الله تعالى وأبناؤه الثلاثة السادة علي والناجي رحمه الله تعالى ومحمد وأمهم الأخت فاطمة عثمان.
ومن هذه الجماعة الكريمة أيضاً والذي هو من وجهائها الأعيان، الذين يشار إليهم بالبنان، كرماً وجوداً وفضلاً وشهامة، وديناً وتواضعاً واستقامة، السيد محمد عمر رحمه الله تعالى، وله أربعة أبناء كرام حافظوا على مجد أبيهم وهم السادة إبراهيم وسعد وجعفر وهؤلاء الثلاثة أمهم الأخت عائشة بنت بامسيكة أما عوض فوالدته الأخت بنت النوبي. وكيف أنسى ولم أنس ذلك الجبل الشامخ والبطل الأشم والشجاع القعقاع والفاضل الماجد الكريم، الذي لا تلين له قناة ولا يشق له غبار، السيد عبد الله عمر رحمه الله تعالى، شقيق السيد محمد عمر، فنعم الرجل والله وحبذا أبناؤه الثلاثة الكرام الفضلاء الأسياد وأمهم الأخت فاطمة بنت العاتي وهم السيد عثمان تغمده الله برحمته الواسعة، وأبناؤه أربعة ولله الحمد والشكر وهم السادة مولانا محمد وعبد الله وعمر والدكتور بكري، حفظهم الله ووالدتهم السيدة الأخت النعمة بنت عبد السلام أما الثاني فهم السيد المحترم، والجواد المخضرم، السيد علي رحمه الله تعالى وله ثلاثة أبناء هم السيد الدكتور صلاح، رحمه الله وغفر له وعفا عنه وأمنه وأكرمه بجنات عدن بلا حساب ولا عقاب، وأخواه السيدان أسامة وعمر ووالدتهم الأخت نفيسة عبد الرحمن، والثالث والأخير من أبناء هذه الأسرة الكريمة النبيلة الفاضلة أسرة السيد عبد الله عمر رحمه الله تعالى هو السيد الدكتور عبد الحليم أطال الله عمره في طاعته، فهو سيد فاضل كريم. وعلم شهم عظيم، حفظه الله ورعاه.
ومن هذه الجماعة الفاضلة الكريمة العظيمة كذلك أيضاً السيد حدر حوشة رحمه الله وله ابنان فقط هما السيدان جعفر وأحمد. ومنها أيضاً السيد إبراهيم حوشة رحمه الله تعالى وأبناؤه السادة محمد وعمر وأمهما الأخت أم نعيم الحسن وعبد الرحيم وعبد الرحمن ووداعة وحسن وعبد العظيم وعبد الحليم وعبد الكريم، والدتهم السيدة الأخت آمنة فتح الرحمن.
ومن هذه الجماعة الفاضلة كذلك بل من أعيانها المعروفين، ووجهائها المعظمين، وأعلامها المحترمين، السيد الحاج محمد جبارة، من عرف ب الجود والكرم وكمال العقل والمروءة، وسداد الرأي وحسن الصيت وسرعة البديهة، وطيب السمعة وحسن الخلق وقوة الشكيمة، وكان ثاقب الذهن واسع الآفاق شهماً أبياً، ذا فضائل وفواضل ومكارم نبيلاً ذكيا، فاضلاً رزيناً زاهداً ورعاً تقياً، وإن ولده السيد قاسم لم يقاسمه في فضائله هذه بل أحرزها كلها وشيدها وزكاها ونماها، فلما تضاعفت حافظ عليها، وإن قاسماً أقسم بلسان حاله أن لا يدع باباً من أبواب السيادة إلا ولجه ووسعه ورفع بناءه، فلو لم يرث قاسم مجداً لكفاه ما شيده بيديه الكريمتين وقبله السليم، وكلمته الطيبة وخلقه العظيم، وكأن الشاعر يعنيه بقوله:
لو أن كفك لم تجد لمؤمل |
| لكفاك عاجل وجهك المتهلل |
وإني لعاجز عن حصر عشر عشر خصاله المفيدة، والنزر من محامده مزاياه العديدة، ونعم والله إخوته الثلاثة السادة: علي والخير وعبد الله، ووالدتهم السيدة الأخت العاجبة بنت الراضي. ومنها أيضاً السيد خضر جبارة وله ثلاثة أبناء هم السادة نعيم وجبارة وأحمد. ومنها أيضاً عباس الباشا.
ومنها أيضاً السيدان الكريمان، الفاضلان المحترمان، الشهمان، العزيزان، عبد الوهاب محمود، ومحمد أحمد محمود، ولا غرو في فضلهما، وعلو مقامهما، فهما من بيت عز وشرف طابت أرومته، وعلت رتبته، وحسنت سيرته، وانتشر فضله وذاع صيته.
ومنها أيضاً الرجل الفاضل الكريم، والسيد الوجيه العظيم، النور صديق، العلم الشامخ والشهم النبيل، من لا نظير له في العشير ولا مثيل. ومنها أيضاً السيد الخليفة محمد حمرن رحمه الله تعالى وأبناؤه الستة السادة علي وخضر وحسن، رحمه الله تعالى والبصري وعبد الكريم وعثمان ووالدتهم الأخت خديجة
عبد العزيز.
ومنها أيضاً العالم الفاضل الزاهد الكريم، الورع التقي العابد العظيم، الثابت كالجبل الراسخ على دينه المستقيم، السيد حمزة عزير رحمه الله رحمة واسعة وولده محمد وأمه الأخت فاطمة علي.
ومنها أيضاً السيد أحمد علي أشميق رحمه الله تعالى، وابناه السيدان
كرم الله ومحمد وأمهما الأخت ست الريد نافع. ومنها أيضاً السيد أحمد
عبد الرحمن وداروينا رحمه الله تعالى وأبناؤه الخمسة السادة مختار نمر، والخير وميرغني وأمهم الأخت عائشة آدم وعبد الرحمن وعبد القيوم.
ومنها أيضاً السيد علي حوشه رحمه الله تعالى وابناه السيدان وقيع الله وعوض رحمهما الله تعالى، وأمهما الأخت عائشة إبراهيم. ومنها أيضاً السيد بخيت الفادني رحمه الله تعالى وابناه حسن وعلي رحمهما الله تعالى وأمهما الأخت النعيمة عبد العزيز.
ومنها أيضاً السيد محمد الحسين أبو شام رحمه الله تعالى وابنه السيد حسن والدته الأخت النعمة بنت عمر. ومنها أيضاً السيد هود محمد صالح رحمه الله تعالى وأبناؤه الستة السيد سليم وأمه الأخت أم الحسن عبد القادر ومحمد صالح وأبو الحسن أبوا شام وأشميق أمهم الأخت فاطمة عبد السلام ومعتصم أمه ست الريد الرفاعي.
ومنها أيضاً السيد الفاضل، الشهم العلم النبيل الكريم، السيد عبد الرحيم صالح تغمده الله برحمته الواسعة. وله ولدان أمهما السيدة الفاضلة أم المساكين، ذات الأيادي البيضاء، والخلق الحسين، السيدة الأخت الحاجة رقية بنت أبو حوى رحمها الله ونور قبرها وجعلها من السعداء المقربين في جنات النعيم، ولقد من الله على هذين السيدين، الكريمين الفاضلين، عبد الرحيم والحاجة رقية بولدين اثنين ولكن رب رجل كألف ورجلين كألفين. فالسيدان الحاج ومحمد خير كألفي رجل سيادةً وفضلاً وشجاعةً، وكرماً وجوداً وشهامةً، وعزاً ونخوة وإيباء، وديناً وعقلاً وسخاء، وإني لمدين لهذين العلمين الشامخين في سماء العز والمجد والسيادة، والفضل والكرم والقيادة، أدين لهما بما لا استطيع التعبير عنه من الإحسان والتعظيم، فلم يتركا لي إلا أن أتوجه إلى ربي سبحانه وتعالى بقلب خالص ونية صادقة ووجدان ثائر، أن يجازيهما عني وعن سائل الأهل وجميع المسلمين أحسن جزائه، وكذلك أسأله لأبنائهما، التيسير والتسخير والفتح والصلاح، والنعمة والفضل والرزق الكثير والنجاح، والحفظ والرفق واللطف، والنصر والفلاح، فأبناء الأخ الحاج هم السادة هشام وهيثم وهاني وأمهم الأخت السيدة بتول عثمان السيد، وأبناء الأخ محمد خير هما السيدان: طلال وطارق، وأمهما السيدة الأخت رشيدة بنت عبد المطلب.
وقد قلت قصيدة في مدح هذين الأخوين الشقيقين الكريمين الفاضلين، السيدين الحاج ومحمد خير وهي:
لله شهمان للعلياء ركنان |
| فازا بكل الندى والمجد والشان |
ومن أعيان هذه الجماعة الفاضلة الكريمة كذلك وأعلامها ووجهائها وسادتها وفضلائها، السيد خضر الملك وكأن الشاعر يعنيه بقوله:
كريم كريم الأمهات مهذب |
| تدفق كفاه الندى وشمائله |
وله أربعة أبناء كرام هم السادة: حسين وحسن وأحمد وعباس، أما حسين وحسن فهما توأمان، جاءا مبعوثان من أبويهما السيد خضر الملك والسيدة بنت أحمد قاضي، فقد حملهما أبواهما من أثقال المجد، والعز والكرم والسخاء والجود ما لم يقدر أحمد على حمله فتعاونا على موروث أبويهما وقاما به أحسن قيام.
وكان الأخ الحسين قد استقبلني بحفاوة وفرح وسرور، في آخر زيارة قمت بها لأهلي وإخواني وأحبائي في السودان بمناسبة زواج ابنتي خديجة وبالغ في تقديري واحترامي وإجلالي وإحسان وإكرامي، أعزه الله وأكرمه ونصره وحفظه، فو الله لا غرابة ولا عجب في ذلك فكيف أعجب والجود والفضل والكرم والسيادة تجري منه مجرى الدم والنفس فتعودها كما تعودها وهي تركة أبيه.
وكأن الشاعر يعنيه بقوله:
سألت الله أن يبقيك دهرا |
| فما لك في البرية من نظير |
لكن أحسين لم يحجب ابنه خضر عن تركة أبيه، ولو حجب نقصان فقد استقبلني الابن البار خضر بنفس الحفاوة ونفس الأخلاق بل دعاني في قصره الجميل، ذلك القصر الفخم الجليل، والذي تداعبه أمواج شاطئ النيل، وتغازله من هنا وهناك وهنالك حدائق غناء، تومئ إليه ببساتينها الخضراء وعيونها النضاخة وأنهارها التي تجري فتبارك الله أحسن الخالقين ما شاء الله لا قوة إلا بالله. لكن المثل لا يتغير ولا يكون كذباً (المال يشبه أهله). فعطاء تلك الأرض قطر من بحر وقيض من فيض، إذا ما قورن بعطاء أهلها فلما رأيت هذا الابن الكريم، الشهم الفاضل العظيم، ورأيت أباه الأخ الشقيق القريب الحبيب الفاضل الشيخ الحسين. فرأيت خيالي يسبح معهما في بحر جودهما، والقلب لا يفارق مكان وجودهما، قلت هذه القصيدة:
ألا لله إخوان كرام |
| عظام ليس جارهم يضام |
فأحسين هذا له ستة أبناء ولله الحمد وهم السادة عثمان، وخضر، وبكري، ومحمد وخالد وعبد الرحمن ووالدتهم الأخت السيدة رقية عبد الرحمن أحمد، أما حسن، فله ستة أبناء كذلك ولله الحمد هم السادة علي وعمر ومحمد ووالدتهم الأخت السيدة فاطمة بنت جاد الله وعثمان وإبراهيم وأحمد، ووالدتهم الأخت السيدة سعاد بنت الحبو، أسأل الله سبحانه أن يمد للجميع في أعمارهم، وأن يبارك لهم في أرزاقهم وأن يحفظهم ويرعاهم ويهديهم ويوفقهم ويؤلف بين قلوبهم، ويجازيهم عنا أحسن الجزاء إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وهو حسبنا فنعم المولى ونعم النصير، أما أحمد وعباس ابنيا خضر الملك فوالدتهما السيدة الأخت نفيسة محمد خير جبارة. ومن رجال هذه الجماعة المباركة كذلك السيد عبد الله محمد خير وله ثلاثة أبناء، هم إبراهيم ومحمد ووالدتهما الأخت الروضة أحمد عباس أما يحيى فوالدته الأخت ميمونة بنت بخيت. ومن رجالها أيضاً السيد يونس محمد صالح وله ابنان، هما المرحوم أحمد وعبد الرحمن (عبيد)، وأمهما الأخت عائشة عبد الله حامد. ومنها أيضاً السيد عبد الصمد الشريف وأبناؤه ثلاثة وهم السادة أحمد وعلي ومحمد وأمهم الأخت مريم بنت يونس، ومنها أيضاً السيد الفضل محمد علي وله ولدان وهما عوض وهذي أمهما الأخت آمنة.
قرية كورتي
أما القرية الثالثة من قرى محافظة مروي شمال السودان على الضفة الغربية هي قرية كورتي، التي تسكنها جماعة الكوارتة جماعة الدين القويم المستقيم والهدى، والجود والمجد والفضل والكرم والندى.
اختاروا مذهب الإمام مالك ابن أنس الأصبحي رضي الله عنه مذهباً وسلكوا طريق الإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه، عقيدة أهل السنة والجماعة ورواية حفص عن عصام وأبي عمر الدوري مقرئ. والطريقة الختمية طريقة المراغنة آل البيت الأطهار تصوفاً.
هذه الجماعة عرفت بالدين والتقى وقوة العهد والميثاق، والسيادة والمجد والفضل والجود والكرم والإنفاق، وإيواء الضعيف والغريب والمسكين وعابر السبيل وذي الإملاق، وبناء المساجد والخلوات وحب أهل العلم، وإيواء الغرباء والمعوزين وطلاب العلم، اختاروا منهج الصدق والإخلاص والبر والأمانة، فهم الحصون والملاجئ والكهوف، للعابرين والوافدين وكل الضيوف، طابت نواياهم، وكثرت عطاياهم، وعمت مزاياهم، ولا غرو فهم طيبوا الأصل والفرع، يتنافسون في قرى الضيف وإكرام طلاب العلم والعلماء فهم الأوفياء الأبرار، وهم الشرفاء أقوالهم وأفعالهم، لصدقهم وأمانتهم وحبهم للمراغنة آل البيت فحالفهم الفوز والنجاح في جميع أعمالهم وقد قلت فيهم هذه القصيدة وهي نزر في حقهم:
لله كورتي وأحباب بها قطنوا |
| بمثلهم ضن في تصريفه الزمن
|
ومن أعيان وفضلاء ووجهاء هذه المجموعة النبيلة السيد العمدة عمر
عبد السلام كنبال رحمه الله تعالى ونعم أبناء هذا الرجل وخصوصاً ابنه البار السيد العمدة أحمد عمر كنبال رحمه الله وغفر له وعفا عنه وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله وأدخله دار السلام بلا سباقة حساب ولا عقاب، إنه هو الغفور الرحيم العفو التواب، فهو الرجل السيد الشهم الشريف، التقي الفاضل النبيل العفيف، السمح البشوش الجواد الكريم، العبقري الأديب الرشيد الحكيم، العابد الزاهد ذو الخلق العظيم. وله أبناء سادة كرام، فضلاء عظام، لكن أدل دليل على إكرام ربه له ووافر نعمته عليه وصلاحه حقاً ولده الأغر الشهم الأبي، السيد صلاح العمدة فهو رمز من رموز الأخيار، وعين من أعيان الأبرار، صاحب الأيادي البيضاء والمساعي الحميدة، ورجل الدنيا والآخرة في الفضل والمزايا العديدة، فتى ما شأنه حاسدوه إلا بمحامده الفريدة، فو الله ما أخطأني إحسانه وفضله ونواله، حين زرت الأهل هناك أخيراً فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجازيه عني بكل فضل وخير، وأن يحببه ويقيه هو وأهله وذويه كل بأس وشر وضير.
ومن هذه الجماعة الفاضلة كذلك رجلها العظيم، وحارس مجدها الكريم، وراعي نبلها الوجيه الشهير، السيد الحاج حمزة بشير، رحمه الله من في المجد والسيادة لا يبارى، وفي الجود والشهامة لا يجارى. فسما في علاه على الثريا، وركب سنام سماء العليا، فله مكانته العلية الفريدة، وشخصيته البارزة الوحيدة، فلا يسعني وقلبي ممتلئ من عظمة الحاج حمزة بشير، إلا أن أتوجه إلى ربي الكريم الوهاب العلي القدير، أن يجعله وأبناءه وإخوته وأحفاده وأنصاره من الذين سبقت لهم منه الحسنى، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ*لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ*لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).
وأخص هنا بالذكر على سبيل التنويه والتعظيم أخويه: السيد الحاج إلياس بشير رحمه الله، وأخاه الحاج عباس بشير رحمه الله وولده المصطفى حمزة بشير رحم الله ذلك السلف العظيم، وبارك في هذا الخلف الكريم.
ومن أعيان هذه الجماعة المباركة أيضاً السيد كنبال منصور، ومنها كذلك السيد إبراهيم الحسن كمبال رحمه الله رحمة واسعة. ومنها أيضاً الشهم الفاضل الكريم الذي لم يعرف في بناء صرح المجد كللاً ولا وهن، سيد السادات المحسن أحمد محمد الحسن كمبال الرجل المنصور بالله والمحفوظ بالله الذي وفقه الله فشمر عن ساعده في ليله ويومه، تحدوه شهامته ونخوته وإيباء ضميه، راكباً كمال الفضل وتمام الدين، مستعيناً بعلو الهمة وقوة اليقين، فشيد دور العلم والقرآن، وأشاد المساجد وأقام عليها بالفضل والإحسان، صدقاً منه وإخلاصاً وحباً لدينه، ورعاية منه لحاديه ومركوبه ومعينه، أسأل الله سبحانه وتعالى لهذا المحسن العظيم طول العمر في طاعة الله وتمام النعمة والعافية والنصر والتأييد كما أسأله جل وعلا لأبنائه وأحفاده بالصلاح والفلاح، والفتح والتسخير والتيسير والنجاح، فلهذا الرجل العظيم على منن كثيرة لا تحصى فأرجو الله تعالى أن يجازيه عني بأحسن الجزاء.
ومن هذه الجماعة الفاضلة أيضاً تاجها وعمامتها وإكليلها وقلادتها المرصعة، أبناء هذه الجماعة بل آباؤها وقوادها الأربعة السادة الشرفاء الكرماء، والقادة الوجهاء العظماء، السادة: عمر وعثمان ومحمد الحسن وحامد أبناء
عبد السلام، دعاة الخير والأمن واليمن والسلام، رعاة دين الله من إحسان وإيمان وإسلام، بدور أناروا بلدتهم من بين البلدان، بدعم طلاب العلم ودور القرآن، وهم كذلك أربع سحابات تسح بالإحسان، فجلبوا النعماء للناس وكشفوا كروبهم، طوبى لهم وغذوا بطونهم كما غذوا قلوبهم، وبما أن الله يستحي من أن ينزع البركة من موضع قد جعلها فيه، وهو المؤمل سبحانه وتعالى وحده وكلما سأله العبد يعطيه، فأقول اللهم لا تنزع هذه البركة وهذا النور وهذا الفضل والمجد والكرم يا حي يا قيوم يا نور، من أبنائهم السادة الفضلاء الكرماء النبلاء، وألبسهم يا رب لباس التقوى والنصر والأمن واليمن والتيسير، والعز والصلاح والنجاح والحفظ واللطف والتسخير، هم وأبناؤهم وأحفادهم وكل قريب، وكل صاحب ومحب يا رب
يا قريب، إنك على هذا يا رب قدير، وبالإجابة يا كريم جدير، وأخص من بينهم أخويِّ وصديقيِّ الأخوين الفاضلين المباركين الكريمين إبراهيم حامد وشقيقه حسن حامد رحمهما الله تعالى برحمته الواسعة وأسكنهما فسيح جناته وبارك في ذريتهما ورزقهما الله الفلاح والنجاح والتسخير والتيسير والتأييد إنه القادر والمجيب.
ومن هذه المجموعة المباركة أيضاً زعيمها الذي خص باسمها، حتى أنه لا يعرف إلا بها، السيد الحاج يحيى الكوارتي رحمه الله وهذا لمحض فضله وكرمه اللامحدود ومهابته ووجاهته وشهرته، ومكانته في مجتمعه وفي الناس عموماً وعظمته، فما من أحد ممن عاصروه أو ممن رووا عنه أو سمع حديثه نفسه بمقامه السامي المرتفع، اللهم إلا أن يكونا ولديه الفاضلين الكريمين، اللذين يلجأ إليهما عند الشدائد ولم يخيبا ظناً لمقاصدهما مهما كان، السيدين علي يحيى وحسن يحيى (ومن يشابه أباه فما ظلم).
ومنها أيضاً السيد عثمان إلياس. ومنها أيضاً الرجل الفاضل المبارك الخليفة حمد عبد الرحمن حمد وأبناؤه. ومنها أيضاً الشيخ الفاضل الخليفة عثمان النقيب وأبناؤه. ومنها أيضاً الأخوان الفاضلان الكريمان أحمد زروق وعبد السلام، وأبناؤهما. ومنها أيضاً الأخ الفاضل أبو حزمة وأبناؤه. ومنها أيضاً السيد خليفة
حمد النيل وأبناؤه.
وهذا آخر ما أردت كتابته من هذه الذكريات المختصرة وإن كانت أحرفها على القرطاس قد انتهت فأسطرها خالدة في قلبي، وإن كان اختصارها جرى على بناني، فإن تفاصيلها مبسوطة في جناني، فأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وبكل اسم هو له سمي به نفسه أو أنزله في كتابة أو علمه أحداً من خلقه أو أستأثر به في علم الغيب عنده أن يجعلنا بعد هذه الذكريات، من خيار ساكني الجنات، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا فنعم المولى ونعم النصير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وأختم بالصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى أصحابه الغر الميامين، وآله الطيبين الطاهرين.
بقلم فضيلة الشيخ/ محمد الحسين ولد حبيب الله، الأبييري الهاشمي حفظه الله
بتاريخ: 12/5/2009م
فهرست الكتاب
الصفحة | |
ترجمة عن كرم السودانيين |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق